فـن الـتـعـبــير بالحــركـة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(السجود أول حركة)
عرفها الإنسان
وتعتبر الحركة عموما أداة للتعـبـيرعن الحياة ....
قـال اللـه تعالى في كتابه العـزيزفي سورة البـقـرة (وإذ قال ربـك
للملائكة إني خالق بـشرا من صلصال من حماء مسـنون*فإذا سـويته
ونـفـخـت فـيه من روحي فـقـعـوا له ساجدين* فـسجـد الملائكـة كلهم
أجـمعون*إلا إبـلـيس أبى أن يـكون مـع الساجـدين) صدق الله مولانا
العـظيم .. وأبلغنا بهذا نبيه الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبــه
أجمعين ، والحمد لله رب العالمين ..
وتـفـيـدنا هـذه الآيات الكـريـمة بما نـفهـمه منها ، وهوأن الله الخالق
سبحانه جل وعلا ، خلق الإنسان صلصال(من طين) ، وسواه وركبه
كما شاء ، في أحسن صورة ولكنه بقي جثة هامدة ، وجـسـد لا حـياة
فـيه ، ثـم نـفـخ اللـه سبحانه (فيـه من روحه) ، فإذا بـهذا المخـلوق
الجـديد يـتـحـرك ، وذلك بقـدرة اللـه الواحد الأحـد الباريء والمصور
جل جلالـه ، أي أن هـذا الجسـد الذي كان هـامدا صارحـيا ، وهـذا
يعـني أن الحـياة هي الحركة ودليلـها الأساس الـذي نعرفه كلنا هـو
(نـبض القـلب) أي حركـته التي تـرتبط بها حركة أعـضاء الجـسم
كله ، لأنه هـو الذي يقـوم بعـمـلية ضخ الـدم الحامـل للأكسجين في
عروقها الدقـيقة المـتشابكة لكي تعـيش هذه العـضلات أي تكون لها
القـدرة على الحـركـة ..
وبـتـدبرآيات القـرآن الكـريم المـتصـلة بـخلق أبوالبشرية(سيـدنا آدم)
عـليه السلام ، ثـــم من بـعـده دريته ، فإننا نصـل الى حـقـيـقـة (إن
نبض الحياة في ذرية آدم هـو مسـتمرا منذ نـفخ الروح في جسده أول
مـرة والى قيام الساعـة ، فهـي ذرية بعـضها من بعـض ، عن طريق
التوالد ، الذي عادة ما يتم بعد عملية التـلقـيح التي تـتم بين البويضة
والحيوان المنوي اللذين هـما كائنـين حيين ، مما يجعل في إتحادهـما
قوة تـنمو كجـسم واحـد ليـمـر بمـراحل متعـددة ثم يكون طـفلا سـويا
بإرادة الخالق عـزوجـل ، وقـد صرنا بفضل التطـور العـلمي ، يمكننا
معرفة جنس هذا الجنـين وهـولايـزال في بطن أمه ومنذ الأشهرالأولى
لــتكـوينه ..إذن فالحركة التي بدأت بخلق آدم لم تقف ، وهي مستمرة
بإنتقـالها من إنسان لآخرمن درية آدم عـليه أفضل الصلاة والسلام الى
يوم الـفـناء..
وقد إسـتقـبلت الملائكة حركة أبينا وسيدنا(آدم)عليه السلام ، بأمر من
اللـه خالقـهم بحركة مماثلة ، وهي حركة(السجود) السريع وبلا تأني
أو تكاسل أو تثاقل ، وقد أمرالخالق الملائكة بأن يكون سجودهم لهـذا
المخلوق سريعا جدا مثل وقوع الشيء من أعلى الى أسفل بقوله عز
وجل(قعـوا له ساجدين) ..
فكانت (حركة السجود)أول حركة يشاهـدها ويعرفـها أبونا(آدم)عليه
الصلاة والسلام ، وهي فيها تعليم ودرس قد إستوعبه أبوالبشرفورا
وجـيدا جدا ، وتعلم منه كيفـية السجود (لمن هو أعلى منه رتبة) ..
وبالنسبة له ، خالقـه ورازقه(الله سبحانه وتـعالى عمـا يصـفون)الذي
سخـر لآدم وذريته جميع مـا خلـق في هـذا الكـون لخـدمـته تكـريما
له ، ولمساعـدته حتى يسعـد في الـحياة الـدنـيا .. ويعـبد(الله) بـكل
إخـلاص خـوفا وطمعا ، ويـسـبح له شاكرا وحامـدا عـلى هـذه النعم
الجـلـيلة التي حباه بـهـا ..
وهـو الواجب الذي خلقه الله من أجله ـ أي أن آدم ومن بعده ذريـته
خلـقـوا لكي الله مخلصين له الديـن ـ ويـؤكدوا إعـترافهم الكامل بأن
الله واحد ، وإنـه هـو وحده خالـق هـذا الكون ومالـكه ، وغـبر ذلك
إعترافهـم وإقرارهم بأن الجن مخلوقات مثـلهم ، وإنهم خلقوا قبلهم
لنفس الغرض (أي لعبادة الله) ، وإن الملائكة وبعث الرسل والأنـبياء
حـق ، والخلاصة هي:
أن يؤمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر، والقـضاء والقـدر
خيره وشره ، حلوه ومره ، ويقيموا الفـرائض التي فرضها عليهم ومن
أولها الصلاة التي تعتبرفي جميع الأديان هي العمود الفقري لفروضها
وتعاليم أداء عباداتها وهي التي تتـلخص في السجود للمعبود ، وهكذا
نلاحظ أن جميع المخلوقات والبشر (ذرية آدم) أولهم ييقومون بــأداء
حركة السجود أثنـاء صلواتهـم حين تعبدهم .
ومن واقع التعبد في الدين الإسلامي أداء فرائضه التي تعتبر الصلاة
عمودها ، وتـتمـثل هذه الصلاة إجمالا في(القيـام والركوع والسجـود
ثم السـلام ) ، ويضاف لما تـقدم ضرورة ذكرالله وقراءة شيء من
القرءان الكريم ، والتسبيح بحمـد الخالق والرازق ، وطلب المغـفرة
والعـفـو منه ، وتعـظيمه وتكـبيره ، وذلك لكي يصفح عـنهـم (أي
آدم وذريته) ويدخـلهم جنته التي وعـد بهـا المسلمين من عـباده .
ومما تقــدم ذكـره فإننا نستنتج ..
إن سـجود الملائكـة لأبينـا (آدم) عليه السلام ، لم يكن عبارة عـن
تنفـيـذ لأمـر(اللـه) مولاهم لهـم بالسجـود لـه وحـسب ، وإنـما كان
في (حـركة السجـود هـذه) توريـة وتـدريب له عـليه السلام ، على
كـيـفـية العـبادة التي تعـبر الصلاة ركـنها الأساس ، لأنها هي مفـتاح
كل الأعـمال الصالحـة ، والسـد المـنيع ضـد فـعل الأعـمـال الشريرة
والتصرفات الفاسدة إذا أديت بخـشوع ونية خالصة لوجه الله سبحانه ،
ولهـذا فـقـد كانت حركة (السجـود) أول حركة علمها المولى الخالـق
لمخلوقه آدم أبو البشرية جمعاء ..
وهـو في أعـتقادي أول من سيسأل يوم القيامة من المولى ,,
هل علـم هذه الحـركة لذريته لتتناقلها أجيالها من جيل الى جيل ؟؟؟؟
واللـه أعــلم ، وهو المعين للوصول الى سبيل الرشاد .
منيرتاج الدين منير
ــــــــــــــــــــــــــــ
السيلاوي/الغريفة