المأثورات الشعبية
ـــــــــــــــــــــــــــــ
((1))
(ثقافة هامة وعلم مستقل يمكن دراسته وتدريسه)
يجمـــع الباحثون والدارسون على أن التراث الشعبي هو كل ما ورثناه عن
الآباء والأجداد من موجودات ، سواء كانت مادية ملموسة أومعنوية حسية ،
وبتوضيح أكـثر، أعني ذلك التاريخ الشفاهي والمدون الذي يحكي عن سيرة
الشعب والبيئة التي يعيش فـيها ، وكذلك الظروف المحيطة بحياته وتطورها
على مر العصور .
ويضاف لذلك (المأثورات الشعبية) التي تجسد الثقافة الشعبية ..التي يمكن
تعريفها بأنها ــ المرآة الأمينة الصادقة التي تعكس على المجتمع ما يدورفيه
من تفاعلات إجتماعية ، سواء فيما بين أفراده أوتلك التي تحدث عادة أثنـاء
تعاملهم مع موجودات بيئتهم التي يعيشون فيها ، كما يعبر الشعب من خلالها
عن فكره وقيمه وأنماطه الفنية ، وتعتبر المأثورات الشعبية خلاصة حقـقـية
للتـفكيرالبشري في أي مجتمع يسعى الى التطور والتـقدم .
وإنطلاقا من ذلك ، وما دامت المأثورات الشعبية في تطور مستمرفإنها تعتبر
دائما الأساس المتين لبناء الحضارة وهي أيضا حق طبيعي لكل أبناء المجتمع
لأنها جاءت كنتيـجة حتمية للتفاعـل بين الفرد والجماعة المكـونة لـه .
وهناك من يقولون(لقد ولى عهد التراث والإهتمام به ، وينظرون اليه على
إنه ماض قديم وأن العودة لإحيائه ماهي الاتكريس للجهل والتخلف ولهـذا
يجب علينا إحترامه كذكرى من مخلفات الأجداد على مرالعصور، وتركه
وشأنه والإنطلاق الى الأمام ومواكبة ركب الحضارة والتقدم ..
وهـم لا يعلمون أو يتجاهلون الحقيقة العلمية التابثـة وهي :
أن تقدم الأمم لايتعارض مطلقا مع إهتمامها بتراثها بل قد يكون التراث في
بعـض جوانبه مهما جدا ، لأنه يشكل الأساس المتين للإنطلاق باتجاه تحقيق
ما يرجوه المجتمع من إزدهار ورقي ، فمن لا ماضي له لا حاضرولامستقبل
لـه .. ففي الناحية الإقتصادية مثلا/
هناك التجارة التي كانت تقوم أصلا وحتى قبل سنوات قريبة "الى ستينيات
القرن الماضي بالجنوب الليبي"على تبادل السلع (المقايضة) دون الإعتمــاد
على النقود التي نعرفها اليوم(كالدولار) وغيره ، ولقد أدركت ذلك ومارسته
بنفسي في قريتي(الغريفة) بوادي الآجال ـ جنوب ليبيا .
وهذا الأسلوب التجاري التراثي الذي يريد البعض نبذه ونسيانه لا يمكن أن
يطلق عليه عبارة تخـلف ، وإنما هوالتقـدم بعينه والسائد بين بعض الــدول
في ممارساتها التجارية حتى في هـذا الزمن الذي يشهد فيه العـالـم تطورا
هائلا وسريعا في كـل شيء وبدون إستثناء ..
إن بحث ودراسة المأثورات الشعبية غالبا ما تحقق لنا أهـدافا علمـية وقومية
وإجتماعية سوف أحاول تسليط الضوء عليها في صفحات لاحقة ، وهي لـم
يختلف الباحثون والدارسون حولها ، رغم أنهم ينتمون الى مدارس متـعددة
الإتجاهات في دراستها ، وترتبط هــذه الأهـــداف بقضية التغيرات التي قـد
تحدث في المجتمع وفي كل مجالات الحياة ذلك لأن تحقيقـها لايمـكن فصله
عما يدور في المجتمع مـن تطورات إقتصادية وإجتماعية وسياسية أيضا .
وغير ذلك ، فإن الإهتمام ببحث وجمع مأثوراتنا الشعبية التي تـؤكد أصالتنا
وتسجل تاريخ حضارتنا ، وبطريقـة (منهجية علمية) تسهل علينا الوصول
الى أعماقـها ، سيجعل دراستنا بعد ذلك هذه تخـرج بنتائـج يكن لها مـردود
طيب على مجتمعنا لأن العقلية الشعبية عندما إبتكرت موادها وموضوعاتها
المختلفة ، إنما تهدف من خلالها ، إنها تتطلع الى تحقيق أغراض وغايات
كلها أمل وتطلع الى مستقبل زاهـرومميزيساعد على الوصول الى حياة حرة
كريمة ووحدة عربية شاملة ، حيث أن المأثورات الشعبية تعمل دائمـا على
تنمية روح الجماعة والتعاون ، وتأكيد القـيم الفاضلة وترسيخها لـدى الفرد ،
وفي نفس الوقت تنبذ كل السلبيات التي قد تصدرعن بعض أفراد المجتمع
وتحاول تسليط الضوء عـليها لكشف أسبابـها ومـعالجتها .
ولهذا وجب علينا من باب الأمانـة العـلمية بـذل كل الجهود لجمع كل هـذه
المأثورات الشعبية وتصنيفها وتـهيـأتها للباحثين والدارسين وحفظها لأجيالنا
القادمة لأنها تؤكد أصالتهم وتحفظ قيـمهم ومبادءهـم وتحوي حقائـق نظرية
ومادية لها خصائصها التي تميزها عن باقي العلوم .
وهو ما يؤكد لنا أن المأثورات الشعبية ثـقافة هادفة وموضوع علمي مستقل
قائم بذاته ، بل يعتبره العـديد من علماء الإجتماع اللبنة الأولى لقيام أي علم
من العـلوم ....
يتـــبع ....... إنشاءالله ..
منـيرتاج الدين منير
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
السيلاوي/الغريفة